Friday 27 August 2010

ثلاثة نصوص زرقاء

جلست تحدق في اللاشيء و تعبث بضفائرها الذهبية,




بينما مياه البحيرة تتسلى بكسر ثبات الفلوكة,و القمر الناعس يغازل سحباً رمادية سئمت انتظار المستحيل,الذي لا يأتي...




بعدما مرت الساعات على عجل و اختفى القمر و رحلت السحب




اقتلعت عينيها حتى لا تحدق في الهاوية مرة أخرى, وأخذت تجدف باتجاه الشمس عكس اتجاه الريح و العقل و البشر...




ابتلعت حبة ال اس دي و زادت من صوت المذياع الذي خرج منه صوت رجل يغني بلغة ليست لغتها لأناس ليسوا أهلا لها...




كل ما تعلمه




أن عليها أن تجدف




بقوة




و بلا هدف




ككل البشر,الذين اقتلعوا أعينهم!




..




نائم في غرفة انتظار الموت التي هي غرفة معيشته أمام التلفاز,




تسقط يده في الهواء قاذفة بجهاز التحكم الوضيع فوق الأرضية المتسخة...ينتبه و يفتح عينيه قليلاً




ينظر نحو التلفاز الغبي,




يمسك بجهاز التحكم مرة أخرى,




يفتح التلفاز الغبي




يشاهد رجل يشبهه




في مثل سنه




يجلس فوق مقعد مريح و يحدق فيه بكل ما في الكون من غباء




يكشر




يغضب




يقف




يجلس




و الرجل الأحمق ما زال يحدق




يحاول تغيير المحطة




لسبب ما لا يعمل جهاز التحكم




يلقيه نحو التلفاز بعنف




يرتد الجهاز ككرة تنس ليضربه في رأسه بقوة




ينزف




يبكي في قهر




يلعن الزمان




يغمض عينيه




يكمل الانتظار




..




فتح النافذة




تاركا أشعة الشمس تدخل




أخيرا صار رجلا مستقلا




هكذا فكر




أشعل السيجارة الأولى و تلذذ بدخانها للحظات




حك صدره من فوق البيجامة في ملل




نظر قليلا نحو ملابسه و حقيبته و أول يوم يذهب فيه إلى العمل




فكر




فكر من جديد




قرر أن يقفز من النافذة




بلا سبب مقنع




ألقى السيجارة




وضع قدمه فوق سور النافذة




نطق بالشهادتين




نظر إلى الساعة نظرة جانبية




تململ




أعاد قدمه إلى الأرض




ارتدى ملابسة مسرعا و ذهب إلى العمل




فهو لم يصر رجلا بعد










أحمد طارق

طريق الليسي - قصة قصيرة


في عصر يوم حار,وجده في طريقه إلى المنزل,كان عائدا من مدرسته العتيقة,و في الطريق المعتاد,وجده هكذا-كجملة اعتراضية-أمامه,التقطه بسرعة و حذر وهويتلفت حوله في خوف ليتأكد أن لا أحد هناك,تذكر ما أخبره والده أن يسأل عل أحدهم فقد ما وجد,لكنه قال لنفسه:أن أي شخص يسأله لا بد سيكذب و يدعي أن تلك التحفة له,لذلك أخذ يجري إلى البيت,تصاحبه الأحلام الحلوة و الصور الممتعة لأوقات سيقضيها مع كنزه.



دخل بيته مرتبكا و متلهفا حتى أنه نسي إلقاء التحية على والده,الجالس يقرأ الصحيفة و يدخن و الذي استغرب من تصرف ولده الشاذ,دخل الغرفة و أغلق الرتاج من الداخل,نزع حقيبة ظهره و أسرع إلى علبة حذاء قديم كانت تحت سريره و يجمع فيها ما يعجبه من صور ممثلات و لاعبي كرة و سيارات وأشياء أخرى,أخرج شريط كاسيت لمطرب شاب يقلده في ملابسه و تسريحة شعره كان خاله أهداه إياه في عيد ما.


وضع الشريط في المسجلة بفرح شديد و سعادة تميز الأطفال في هذا السن,لم يحدث و لم يخرج صوت المطرب الشاب,انزعج جدا لما حدث امتعض,نظر قليلا للمسجلة,تأجد من توصيلها بالكهرباء,فكر قليلا,أخرج الشريط في اشمئزاز,و ألقاه بعيدا و ضحكة انتصار فوق شفتيه.


خرج إلى غرفة المعيشة,كان والده قد اختفى لسبب ما,فتح الخزانة و أخرج مجموعة شرائط قديمة اعتاد والده أن يستمع إليها منذ سنوات,عاد إلى الغرفة,نسي أن يغلق الباب من شدة الحماس,أخذ يجرب كل شريط من المجموعة,وعندما لا يعمل كان يلقيه بعيدا,بعد قليل تحول القلق إحباطاً,بدأت الدموع تتساقط فوق خده عندما لم تعمل الشرائط,عندما نفذت الشرائط كان قد تعب,احتضن مسجلته و نام بملابس المدرسة و حذائه الذي لم يخلعه ليحلم بتغير حياته إلى الأفضل , و كيف عندما تعمل المسجلة سيباهي بها أصدقاءه الذين سيحسدونه.


استيقظ على نغمات أغنية قديمة انتهى زمانها قادمة من غرفة المعيشة,لاحظ اختفاء المسجلة و الشرائط و الحذاء الذي تم انتزاعه,تملكته فرحة و طرب بسماع الموسيقى و خرج مسرعا نحو غرفة المعيشة.


وجد والده جالسا يستمع إلى الأغنية من مسجلة أخرى كانت بالخزانه و في يده استقرت علبة الشريط,انتبه الوالد و قال له:


لقد تخلصت من المسجلة الخربة...إنها لا تعمل!

Sunday 22 August 2010

أكل عبد الرحيم نصيبه,و بعد أن حمد ربنا انتبه لصوت نرجس و هي تمسح أسنانها القوية البيضاء و تقول:

دي طعمها جاز يا ولاد

و مدت يدها إلى أم العروس التي تناولت التفاحة و قربتها من أنفها:

آه و النبي,ريحتها جاز بصحيح,يمكن من السكينة

و قال خال العروسة:

...أمال انتا يا سي عبده,أكلتها ازاي؟

عبد الرحيم ابتسم و قال:

أنا افتكرت ان التفاح طعمه كده

و ضحكوا جميعا
على الباب قالت له أفكار:


يعني لازم تعرفهم انك عمرك ما كلت تفاح؟

قال:

كنت بهزر

...في اليوم التالي دخل على نرجس و قال:

مش أنا طلقت أفكار؟

عصافير النيل
إبراهيم أصلان

Friday 13 August 2010

لوليتا - نابوكوف

لوليتا
يا نور حياتي و نار صدري
يا خطيئتي و روحي
أيتها النار المتوقدة في عروقي
يا من تهزج روحي باسمك
(لو-لي-تا)

Tuesday 3 August 2010

الأب الغائب - قصة

كان ذلك في زمن بعيد
زمن يفوق قدرة معظمنا على التذكر
كان هناك أب
كان يريد أن يجعل من أبنائه الأفضل
ربما العدد الفعلي لأبناءه ليس معروفا
قيل في ذلك الكثير و اختلف عليه القاصون
بعضهم قال واحد
بعضهم اثنين 
بعضهم نفى أن يكون له أبناء
بل البعض يجزم أن لا وجود للأب إلا في رؤوسنا
لنقل أنهم-أي أولاده-ثلاثة
أراد أبوهم لهم أن يكونوا الأفضل كما أسلفنا
قال لهم أن لكل منهم هبة من الخالق
و تلك الهبة هي ما يجعل من كل منهم -في نظره-أفضل إخوته
فهم و إن كانوا كثيرين إلا أنهم في نظره سواسية
و هو يريد من كل منهم أن يستغل قدراته لأقصى حد
و أن يعمل عملا يليق بما حباه الخالق من موهبة و قدرة
لذلك أمدهم بكل ما يريدون من مال
ليبلغوا أقصى الدرجات
أحدهم كان يجيد العزف و يحبه حقا
ساعده ليتعلم العزف الجيد و يبرع فيه و وعد إن هو أثبت ذلك أن يرسله إلى أفضل كونسرفاتور
الآخر كان شديد الحب للدراسة و العلم
ساعده و وعده إن أثبت تفوقه أن يلحقه بأفضل الجامعات
كان يحلم بأن يصير عداء وعده الأب إن أثبت ذلك أن يساعده
كان الأب يحب الأبناء جدا
و يريد لهم الأفضل
اختلى بكل منهم و أخبر كلا منهم على حدة 
أنه يثق به تمام الثقة
و يريد منه أن يرفع اسم العائلة
و يرتقي بها
و أخبره أنه الأمل
المخلص
الرمز
رافع شعلة التقدم
إلخ من الأشياء التي يقولها الآباء للأبناء بدون أن يقصدوها تماما
غاب الأب
لظروف في عمله
آملا أن يحفظ أبناءه الوصية
و حدث للأبناء شيء عجيب
فقد كان من المتوقع أن يبرع كل منهم في مجاله
فقد لقى من الأب كل معاملة حسنة
فهم أسرة أرستقراطية
قادرة على التكاليف المادية التي تتطلبها الدراسة و التعلم
للموسيقى و الرياضة و العلم
لكن كل ابن من الأبناء لم يعد يهتم بما أعطاه الله و رسخه الأب
بل اغتروا بهذه الهبات و اعتبر كل واحد أنه الأفضل
و أن الأب يفضله عن إخوته
فتحول الجب و أعني حبهم لمواهبهم الطبيعية
كرها و بغضا
و اعتقد كل منهم أنه الوحيد هو المخلص
هو الأمل 
هو الصحيح
و ما دونه
هم الباطل
و ذلك الكره
دمرهم تماما
فتخاصموا و اقتتلوا و مات بعضهم
و لم يصبحوا كما أراد لهم الأب و أراد لهم الله
وعلم الأب الغائب بذلك
و قرر أن لا يعود
لأن أبناءه أغبياء
و لم يفهموا أنه يحبهم جميعا
و لا يزال