Friday 16 April 2010

فتاة صغيرة أخرى - قصة


في التاسعة صباحا
فتح مالك باب متجر رشدي
وضع الصحف التي أحضرها فوق مكتب والده الأبنوسي
تأمل وجهه في المرآة و عدل من ياقة قميصه
تطلع إلى صورة والده المعلقة فوق المكتب و أحس بعينيه تكادان تدمعان
فاليوم قد مر أسبوعان على رحيل والده و عليه الآن أن يحمل تبعة المتجر
كان متجرا للملابس الجاهزة بشارع تجاري مشهور
في التاسعة مساء
وقفت السيدة سعاد و وحيدتها أمام المتجر تتطلع إلى الملابس و الموديلات المختلفة
قصتنا لا تدور حول رشدي أو متجره أو سعاد
قصتنا هي بداخل عقل الفتاة الصغيرة
تأملت تلك الفتاة الرقيقة المعروضات بعينيها اللوزيتين
ودت لو تكبر كي ترتدي كل تلك الأزياء
لعنت في سخط هذا العالم الذي لا مكان فيه لمن هم دون التاسعة
و بالعالم

لم تكن تقصد سوى ما تراه عيناها
دمعت عيناها لأنها لن ترتدي تلك الملابس و التي-في رأيها-كانت أروع ما في الكون
بعد تلك الليلة
بنحو ثلاثة عشر سنة
وقفت فتاة في أوج سني مراهقتها أمام متجر رشدي تأملت المعروض من الملابس
هذه المرة
كانت فتاتنا كبيرة و ناضجة و ملائمة بما يكفي لما هو معروض من ملابس
تأملت الملابس و أعجبتها الموديلات
لكن قطرات من الدموع ترقرقت فوق خديها
هذه المرة كان الوزن هو مشكلتها
فوزنها لم يكن يسمح لها بارتداء الملابس المعروضة في هذا المتجر
تابعت طريقها و تركت أفكارها السلبية تغرقها في بحور من الكآبة
بعد تلك الليلة
بنحو عشرين سنة
وقفت سيدة أمام متجر رشدي
كانت تتذكر ذلك المتجر
و أنها بكت أمامه مرتين
ابتسمت
لم يكن مما هو معروض شيء يناسبها
و إن كان قد أعجبها
ليس لصغر عمرها أو كبر مقاسها-فهي الآن رشيقة بالنسبة لمن هم في عمرها-لكن السبب الرئيسي
أن الأيام قد علمتها شيءا بسيطا
ليست الدنيا هي متجر رشدي
هنالك متاجر أخرى
و عوالم أخرى لتراها
و في تلك الليلة
كانت سعيدة

Monday 12 April 2010

قطة فارسية - قصة


كانت فتاة صغيرة في نحو السابعة
تعكس ضفائرها الغجرية و بشرتها الفاتحة جمالا كالنور...فبدت و هي واقفة مكانها كأميرة في قصة خرافية
كانت ملابسها قليلة و مهترءة ......شأن كل هؤلاء
الذين لا مأوى لهم....
وقفت بصمت في ذلك المساء الربيعي الحزين
تتأمل قطة معروضة في متجر للحيوانات الأليفة
كان شعورها نحو تلك القطة شعورا مركبا تمتزج فيه مشاعر الإعجاب بلونها الرمادي و عيونها الملونة مع شعور آخر لطالما اجتهدت في إخفاءه و كبته
شعورها بالسجن و أن ترى العالم من وراء القضبان لا لشيء سوى أنك انت
و لست غيرك
امتدت يدها المتسخة من بين القضبان,تلمس القطة و تختبر نعومتها
صدرت منها تنهيدة خافتة
و التفتت نحو مدخل المتجر
كان متجرا يمتلكه رجل ستيني اسمه رشدي
انطبعت حروف اسمه فوق واجهة المتجر معلنة أن:رشدي
دخلت الفتاة المتجر
هشة يشعر من يرقبها أنها قطعة من الخزف الصيني الذي سيتكسر لمئات القطع
بلا سبب مقنع
كان رشدي جالسا في آخر المتجر الذي كان يتكون من طرقة طولية بآخرها مكتبه
عندما رآى الطفلة تتقدم في آخر المتجر انزعج رشدي
لم يدر رشدي لم فعل ما فعله
و لم يتصور-عندما فكر مليا بعد ذلك بفترة- أن الذي حدث بعدها كان من شيمه
التي اجتهدت والدته و الحياة في غرسها بداخله منذ أن كان طفلا
فقد كانت الفتاة ترقب الحيوانات و تلاعبها في استمتاع و مرح
قام رشدي بإمساك الفتاة من تحت إبطيها و توجه-و هي بين يديه-نحو مدخل المتجر
و ألقى الفتاة في الشارع...........
ثم أتبع ذلك بسبة نابية كان من المستحيل لفتاة في عمرها
أن تدرك معناه.......تماما
ما فعله رشدي فاجأه هو شخصيا لسبب
أنه فعل ما فعله
لا لشيء او إثم ارتكبته
سوى أنها
هي....