Thursday 19 May 2011

عندما صعدت إلى هناك - قصة

استيقظت من النوم في ذلك اليوم و أنا في غاية الإعياء,
لا....ليس إعياءً من الذي يصيبك عندما تكون مريضاً أو خرجت لتوك من قصة حب فاشلة...
إنه شيء عجيب...شيطاني
إحساسٌ لم أجربه قبلها
فتحت عينيّ و تطلب الأمر مني دقائق لأستوعب المشهد....هناك شيء ما يحدث!!!
كان السقف المنمق بتماثيل لملائكة صغار....فوقي...و كنت ممدداً فوق أرضٍ رخاميةٍ,
رفعت كفيّ اليسرى لأتأكدأنني في العالم المعتاد و لست في العالم الآخر...كما يسمونه!!
وجدت كف رجل عجوز....كف شديدة النحافة...كفٌ ليست كفي!!!
لمست بيمناي وجهي...و مضى إصبعي السبابة يسير في ممرات الوجه الذي لم يكن وجهي...كان هناك شارب....و كان هناك شعرٌ في الرأس.
كان الذهول قد شلني...حقاً إنها قصة لم أقرأها يوماً أو أشاهدها كفيلم...
وقفت....كان المكان غريباً عني كل الغرابة...مكان لم أزره في حياتي يوماً:قاعةٌ فارغة تماما!ً
لأول مرة في حياتي الكئيبة أندم أنني لست الشخص الأصلع السمين الذي هو أنا...في الحقيقة!
كنت أرتدي سترة سهرة سوداء و أضع حول عنقي ربطة عنق على شكل الفراشة...كان حذائي فاخراً جداً حلمت يوماً أن أرتدي مثله,
لم أكن أرتدي ساعة....و هذا يصيبني بالجنون....
تحسست جسدي النحيف و الرشيق و ذهلت مرة ثانية,
كانت جيوبي فارغةً...تماماً
عندها التفتُّ إثر انفتاح الباب الطويل الذي في وسط القاعة الفارغة....
دخلت فتاةٌ آيةٌ في الرشاقة لها شعرٌ بني طويل و ترتدي فستان سهرة أسود,
كدت أسألها عما يحدث....لكنني آثرت الصمت,
قالت بصوت خرج من حلقها كالموسيقى:
-سيدي...لقد بعثني الضيوف لأتأكد أن سيادتك بخير.....هل كل شيء على ما يرام سيدي
أجبتها فخرج صوتي رجولياً أجش و بلغةٍ أجمل من لغتي...في الحقيقة كانت لغتي الفرنسية-التي طالما حسدت من يتحدثونها:
-كل شيء على ما يرام....أنا قادم حالاً..
حاولت أن أندهش من ردي الغريب و الذي لم أرد أن أقوله أصلاً...
أشارت إليّ أن أتبعها....ففعلت
هنا لاحظت أن كل حركاتي أوتوماتيكية و كأن هناك من يحركني أو كأن هناك قوة تجذبني إليها......كأنني مشدود بخيوط خفية يحركها شخص ما من علٍ...
و كأن كل ما تمنيت حدوثه قد حدث و بلا أي تدخل مني.......تماماً
كان حفل تفديم جوائز....
لنقل إن المكان أشبه بقصر ملكي أو شيء كهذا..
بينما نحن نمر في بهو واسع, تأملت وجهي في مرآةٍ
وقفت قليلاً أستجمع قواي العقلية و النفسية المحطمة...
هذا رجل يشبهني
هو أنا....
لكن هذا ليس أنا...رجل وسيم رشيق...طويل القامة.....في حوالي الخمسين,

أنا أصلع....سمين....فاشل...لا أحسن التصرف.....أقول دوماً الشيء الخاطيء....لا أقوى على اتخاذ القرارات
هذا حلم...قد أكون حلمته منذ زمن بعيد.....و قد لا أكون,
واصلت المشي و أنا أتأمل شعرها البني الذي ينسدل في غزارة فينتشر على ظهرها الفينوسيّ,
وقفت...رغم أن القوى المغناطيسية لا تزال تجذبني....قاومت,
أصبحت أمشي بصعوبه...كانت قدماي تتحركان للأمام و جسدي يحاول التمرد..
قالت لي:
-هل هناك شيء يا سيدي؟
قلت لها:
-لا...فقط أود استنشاق بعض الهواء...
قالت لي:سيدي الآن ينتظرك الرئيس ليقدم لك أرفع وسام في فرنسا كلها...سيدي:أنت فخرٌ للإنسانية كلها....و يحق لك استنشاق الهواء.....سأخبر الرئيس أنك ستتأخر لدقائق...
و غادرت القاعة.....بعد أن انحنت فانهمر شعرها الساحر فوق كتفيها المرمريين...
أما أنا:فتوجهت ناحية الأسانسير
ضغطت الزر.....عدة مرات في عصبية
دخلت الغرفة المعدنية.....و ضغطت زر الدور الأرضي مراراً
خلال الرحلة.....تجمعت قطرات العرق البارد فوق جبهة الرجل العجوز....الذي ينظر لي في مرآة القبر المعدنيّ
انفتح الباب..
كانت غرفةً مظلمة
دخلت.
و كأنني أعرف تلك الغرفة...نعم أعرفها
توجهت إلى ذلك الشيء الصغير الذي أعرفه....و ضغطته
أضاءت الغرفة.
أنا في غرفتي العادية...هذا تلفازي المقدسز...نظرت لنفسي في شاشة التلفاز المغلقى على غير العادة....أنا....أنا الذي أعرفه....شاب...فاشل...أصلع.
لم أفرح كما قد تتوقع.....نظرت لمكان الأسانسير الغريب.....لم أجد سوى باب الغرفة.....ارتديت ملابسي.....و خرجت