Friday 31 December 2010

ذات خريف - قصة

كانت العصا تترك أثراً غائراً فوق الأرض الترابية, و كان هو رجلاً ينظر إلى العالم من خلال نظارة ذات إطار مذهب,و كان جسده المستند على العصا يبدو منهكا و مضحكاً لمن يراه يسرع في خطواته,في مشيته تلك كان يحرص ألّا يدوس بحذائه الثمين فوق أوراق الشجر الذهبية التي كانت تحتضر في سكون في ذلك الخريف,لقد كان يعلم كل شيء قبل أن يخبره الطبيب,بل إنه كان يتفاجأ من قبل حينما كانوا يخبرونه أنه على ما يرام و جسده سليم,كان يريد لو أخبر الطبيب أن الورم لم يبدأ من سنة و بضعة أشهر كما رجحت الفحوصات بل إن ذلك الورم بدأ منذ زمن بعيد داخل روحه و جعله يفقد الإحساس بوجوده,تحديداً عندما أصبحت الحياة مملة في ناظريه و أصبحت عبئاً ثقيلاً,و ظل ذلك الورم يكبر بداخله حتى التهمه و أفقده القدرة على الفرح و السرور,لم يُعلم أحداً بخروجه و كان يعلم أن اختفاءه سيسبب فزع لزوجته وأولاده,لكن,إنها الرغبة الأخيرة لرجل يحتضرسيغفرون له,حتماً سيغفرون, كان يزور للمرة الأخيرة ذلك المكان الذي قضى فيه طفولته و صباه,عله يؤرخ ما لا تاريخ له,و يرى أثر الزمن على الأشياء العادية و التي تبدوا للناس العاديين تافهة,بينما الأطفال يرونها عالماً متفرداً و سحريّاً,علّ عودته كانت ليقابل ذلك الطفل الذي تركه يلهو فوق تلك الأرصفة و يرى الوجود كما يحب الوجود أن يراه البشر,تأمل شرفةً مغلقة في مبنى عتيق,و تساءل ربما كانت شرفة منزله القديم,عندما كان الوقت يمر متمهلاً ببطء,و عندما كان بيته الضيق عالماً واسعاً جميلاً,ربما لأن الأطفال يرون العالم بعدسة مكبرة, كان المنزل يبدو بين المنازل دخيلاً,توقفت عيناه عند سرب من الحمام يدور و يتفرق بعضه عن بعض ثم يرجع مرةً أخرى ليلتقي و يطير فرحاً بالحياة رغم أن السماء كانت رمادية,ما يذكره الرجل جيداً أن السماء كانت أيضاً رمادية و كانت هناك غربان تنعق يوم قرر أن يرحل بلا عودة,ما يذكره أيضاً أنه كان شعلةً من الثورة على كل شيء,الحياة,الفقر,العادات القديمة,الشوارع الضيقة,البشر التقليديين,كل شيء,حتى أهله المقربين كان ثائراً عليهم,وصل الرجل إلى مصطبة حجرية لمنزل مطل على ساحة ترابية واسعة,كان يرى في ذلك الشباب البعيد أن الجحيم هو الحياة في منزل كهذا المنزل,بينما تمر الأيام ببطء,جلس الرجل على المصطبة و وضع عصاه بجانبه بينما ترك رئتيه تمتصان الهواء المنعش في هدوء مغلقاً عينيه للحظات ثم فتحهما فجأةًعلى مشهد رومانسي هاديء للساحة الواسعة و الخالية إلا من أشجار بلا أوراق و كلبٍ كسولٍ نائم.

أخرج من جيب سترته كيساً مليئاً بالحبوب و بدأ ينثر منها فوق الأرض الترابية,أخرج محفظته الجلدية و ساعته الذهبية,و كاد أن يخلع خاتم زواجه الذهبي لكنه عدل عن ذلك,مسد شعره الذي ما زال يحتفظ بلونه البني رغم تقدمه في العمر,استمر ينثر الحبوب أمامه حتى بدأ الحمام يتجمع ليلتقط الحبات بينما استمرت الأوراق الذهبية تتساقط معلنةً انتهاء حياة و مبشرة بحياة جديدة ستأتي,أشعل الرجل سيجارة أخيرة و امتص منها الدخان بعمق,واصل نثر الحبوب ثم ترك الكيس فجأة يسقط بجانبه,اسند ظهره إلى الجدار و تذكر يوماً ما في ماضيه,حيث كان طفلاً تدهشه الحمائم,أغلق عينيه بينما استمرت سيجارته تتناقص و استمرت الحمائم تلتقط الحبات,و استمرت رياح تحرك الأوراق الذهبية صانعةً لحنا جنائزياً....


Wednesday 29 December 2010

ذات مرة في المقهى - قصة

كان الوقت نحو الساعة الخامسة عصرا ذات سبت خريفي بعيد,خرج هو من مسكنه بعد أن أنهى محادثة مكررة و مملة مع زوجته,كاد أن يصاب بنوبة قلبية عندما وجدها نسيت مصباح الحمام مفتوحا,أغلقه في صمت فزوجته بوجه خاص لا تقبل انتقاداته و كذلك تتكلم كثيرا,أغلق باب الشقة,نزل الدرج ببطء,لم ينس أن يغلق باب المنزل الخارجي جيدا و لم ينس أن يعلن استياءه بأن هز رأسه يمينا و يسارا للا أحد حيث لم يجد البواب في مكانه المعتاد:يدخن على عتبات العقار الخارجية حيث يستلذ صاحبنا بلعن العادة الذميمة التي تفني المال و العمر و ينتقد البواب و مظهره الذي لا بد لا يعجبه,كانت حياته بعد أن أحيل للتقاعد دائرة مفرغة لذلك كانت أمتع اللحظات عندما يخرج بعد غداءه ليجلس على مقهى من مقاهي وسط البلد,لم يكن من رواد المقاهي أبدا و كان يعلنها أن المقاهي لا فائدة منها و روادها أغبياء,لكن الملل الشديد بعد المعاش كان أقوى من إيمانه القوي بمبادئه,لذلك جعل يتردد على المقهى,كان يجلس وحيدا دائما,لذلك كان يغير من المقهى كل فترة من الزمن,مر من أمام بائعة للخضر كان يمر بها يوميا ألقى السلام عليها و كعادتها لم ترد,عندما تكرر ذلك منها تكلم معها فأخبرته أنها تسرح كثيرا و تفكر في ابنها الذي سافر منذ عدة سنوات و انقطعت أخباره,واصل الطريق للمقهى الجديد الذي سيجربه للمرة الأولى,جلس في البداية ساهما ينظر للا شيء ثم بدأ عادته في انتقاد كل شيء حوله لا يسير وفقا لما يراه,كان المقهى في شارع جانبي لا يعد مظهره بشئ أو بأحداث لها أي قيمة,كان جماعة من ثلاث شباب يجلسون أمامه و يتبادلون حديثا لم يجتذب فضوله-كان هو يجلس فوق كرسي وضع فوق الرصيف و على يمينه كرسي فوقه شال نسائي و حقيبة نسائية متروكين بجانب كتاب مغلق ذو غلاف أزرق,بينما يجلس على يساره فتى يضع سماعات في أذنية,شعر رجلنا هنا بالإهانة فهذا الشاب بالنسبة له لا يقهر-و كأنه ارتدى السماعات فقط ليمنع رجلنا من توجيه التعليقات إليه ,بعد قليل انتبه أن هناك امرأة جلست بجانبه ووضعت الكتاب ذو الغلاف الأزرق فوق الطقطوقة التي أمامها,بدأ ينسى الشاب و طلب قهوة سكرها مضبوط كي يدعي أنها زيادة فيما بعد,كان الكتاب ذو الغلاف الأزرق مقتحما,نظر إليه صاحبنا نظرة طويلة,كشر صاحبنا عندما قرأ العنوان,و رفع رأسه نحو المرأة,كانت فتاة صغيرة السن نسبيا بالنسبة لكتاب لم يستطع-و هو الرجل الستيني-فهم عنوانه عوضا عن الاسم الأغرب من العنوان,أخرج نظارته الطبية ووضعها فوق أنفه,كان يشعر بالحرج حيث الفتاة لم تكن ترتدي نظارة طبية,التفت إليها و ارتفع حاجباه بشدة لما رآه,كان المشهد الذي رآه يمنع الحروف من أن تتكون على لسانه,كانت الفتاة تمسك في يمينها سيجارة تعب منها كل فترة,بينما يسراها تكتب في دفتر مفتوح,كانت قهوته قد وصلت لكنه لم يكن ذا مزاج رائق ليعاتب القهوجي الشاب,امتدت يده إلى كوب الماء كأنه يستعد للمعركة الكلامية التي سيواجه بها الفتاة التي تجرأت أت تكتب و تدخن و تترك كتابها أمامه,جرع الماء بسرعه رغم أن الكوب كان متسخا حقيقة لا مبالغة,استأذن منها الرجل و التقط الكتاب,قرأ فيه قليلا ثم وضعه في قرف,أخبرها أن هذا كتاب لا فائدة منه إطلاقا و أن نقودها ذهبت هباء و أن التدخين لا يناسب الفتيات و كان وجهه شديد الاحمرار بلا سبب منطقي,ارتعبت الفتاة حتى إنها رمت السيجارة بسرعة,كادت تفتح فمها لترد إلا أن صاحبنا ترك المكان و رحل دون حتى أن يشرب قهوته-لكنه ترك نقودا للقهوجي-في طريق العودة نسي أن يلقي التحية على المرأة بائعة الخضر و لم ينتقد البواب,دخل الشقة بسرعة,غسل وجهه بالماء البارد,نسي أن يغلق مصباح الحمام,دخل لينام.\

في الثالثة صباحا استيقظت الزوجة على ضجة في خارج غرفة النوم,فتحت المصباح,خرجت و عيونها نصف مغلقة,وجدت زوجها يمسك بقلم رصاص و يكتب في أوراق أمامه,ووجدته للمرة الأولى يدخن سيجارة,بل إن مصباح الحمام كان مفتوحاً!

كومبارس آخر - قصة

كانت غرفة جانبية صغيرة في كواليس المسرح القديم,وقف الممثل ذو السن الكبير أمام غرفته الصغيرة و التي ظل يبدل فيها ملابسة كل ليلة بعد أن ينتهي العرض و الذي كان ينتهي كل مرة قبل أن يبدأ المشاهدون بالملل,فتح الباب الذي ظل يفتح كل ليلة في نفس التوقيت و لمدة عشرين سنة,دخل,أغلق الباب,خلع نفس المعطف الذي ظل يرتديه منذ سنين,نفس اللون الأحمر النبيذي,كل يوم,حتى أصبح جزءا منه,جلس على الكرسي المواجه للمرآة,تناول منشفة مبللة كان يحضرها كل يوم قبل العرض,بدأ ينزع عن وجهه المساحيق الكثيفة,و مع كل مساحة تخلو من المساحيق,كانت التجاعيد التي تغطي وجهه العجوز تظهر أمامه و تفرض نفسها فوق سطح المرآة الأملس,لطالما لاحظ:مع تقدم العمر كانت كمية المساحيق تزداد لأن مساحات التجاعيد كانت تزداد,بينما دوره في المسرحية لم يتغير,و لم يكبر,كان دوره في هذه المسرحية التي ظلت تعرض كل هذه المدة صغيرا,وغير مهم بالمرة,في رأي النقاد و الممثلين و العالم,فقط هو كان يحب هذا الدور,و كان يؤديه كل ليلة و كأنها المرة الأولى,بنفس الحماس الذي لم يمت يوما,وضع منشفته المبللة بينما ظلت المساحيق تغطي مساحات من وجهه,خلع الشعر المستعار ذا اللون الأسود,و تذكر معه أنه يوما ما عندما مثل الدور للمرة الأولى لم يكن يحتاج ذلك الشعر المستعار,كان شعره أسودا.

فتح الدرج العلوي من خزانة أمام المرآة,أخرج صورة قديمة تظهره شابا يبتسم في خجل في جانب الصورة,بينما تصدر الصورة أعضاء المسرحية الأصليين,كانت تلك الصورة قد التقطت قبل العرض الأول بساعات,كان الجميع متحمسين,و متخوفين,كان ذلك قبل أن يرحل من رحل و يموت من مات,و يتبدل الممثلون بينما تستمر الأدوار,فقط هو استمر يؤدي دوره الأول,تأمل الصورة قليلا بصمت حزين,ثم تعجب كيف مرت السنون و هو لم يترك دوره الصغير,لم يكن سوى كومبارس!.

استرخى في مقعده,أغمض عينيه لثوان قليلة,بدل ملابس التمثيل التي طالما ارتداها حتى أصبحت كجلده,حتى إنه كان يشعر أن ملابسه الأصلية هي ملابس التمثيل,وضع الصورة في الدرج مرة أخرى,فتح باب الغرفة,و تأملها مليا للمرة الأخيرة,و توقفت عيناه قليلا عند اللون النبيذي للمعطف,أغلق المصباح الكهربي,و أغلق الباب,خرج من المسرح و قد غزت قشعريرة مريرة جسده النحيل,عندما أصبح في الشارع البارد,وقف لحظات يتأمل المسرح القديم,تأمل البوسترات الجديدة لمسرحية أخرى لن يمثل فيها دور الكومبارس,كانت تلك المسرحية سيبدأ عرضها غدا,حيث كانت الليلة هي العرض الأخير لمسرحيته الأولى و الأخيرة.

دوى صوت التصفيق بغتة في رأسه,و معه تذكر السنوات الطويلة,وضع يديه في جيوبه,و أعطى ظهره للمسرح الصغير بينما وجهه كان نحو الحياة,حيث المسرح الكبير,بلا شعر مستعار و بلا مساحيق.

Friday 27 August 2010

ثلاثة نصوص زرقاء

جلست تحدق في اللاشيء و تعبث بضفائرها الذهبية,




بينما مياه البحيرة تتسلى بكسر ثبات الفلوكة,و القمر الناعس يغازل سحباً رمادية سئمت انتظار المستحيل,الذي لا يأتي...




بعدما مرت الساعات على عجل و اختفى القمر و رحلت السحب




اقتلعت عينيها حتى لا تحدق في الهاوية مرة أخرى, وأخذت تجدف باتجاه الشمس عكس اتجاه الريح و العقل و البشر...




ابتلعت حبة ال اس دي و زادت من صوت المذياع الذي خرج منه صوت رجل يغني بلغة ليست لغتها لأناس ليسوا أهلا لها...




كل ما تعلمه




أن عليها أن تجدف




بقوة




و بلا هدف




ككل البشر,الذين اقتلعوا أعينهم!




..




نائم في غرفة انتظار الموت التي هي غرفة معيشته أمام التلفاز,




تسقط يده في الهواء قاذفة بجهاز التحكم الوضيع فوق الأرضية المتسخة...ينتبه و يفتح عينيه قليلاً




ينظر نحو التلفاز الغبي,




يمسك بجهاز التحكم مرة أخرى,




يفتح التلفاز الغبي




يشاهد رجل يشبهه




في مثل سنه




يجلس فوق مقعد مريح و يحدق فيه بكل ما في الكون من غباء




يكشر




يغضب




يقف




يجلس




و الرجل الأحمق ما زال يحدق




يحاول تغيير المحطة




لسبب ما لا يعمل جهاز التحكم




يلقيه نحو التلفاز بعنف




يرتد الجهاز ككرة تنس ليضربه في رأسه بقوة




ينزف




يبكي في قهر




يلعن الزمان




يغمض عينيه




يكمل الانتظار




..




فتح النافذة




تاركا أشعة الشمس تدخل




أخيرا صار رجلا مستقلا




هكذا فكر




أشعل السيجارة الأولى و تلذذ بدخانها للحظات




حك صدره من فوق البيجامة في ملل




نظر قليلا نحو ملابسه و حقيبته و أول يوم يذهب فيه إلى العمل




فكر




فكر من جديد




قرر أن يقفز من النافذة




بلا سبب مقنع




ألقى السيجارة




وضع قدمه فوق سور النافذة




نطق بالشهادتين




نظر إلى الساعة نظرة جانبية




تململ




أعاد قدمه إلى الأرض




ارتدى ملابسة مسرعا و ذهب إلى العمل




فهو لم يصر رجلا بعد










أحمد طارق

طريق الليسي - قصة قصيرة


في عصر يوم حار,وجده في طريقه إلى المنزل,كان عائدا من مدرسته العتيقة,و في الطريق المعتاد,وجده هكذا-كجملة اعتراضية-أمامه,التقطه بسرعة و حذر وهويتلفت حوله في خوف ليتأكد أن لا أحد هناك,تذكر ما أخبره والده أن يسأل عل أحدهم فقد ما وجد,لكنه قال لنفسه:أن أي شخص يسأله لا بد سيكذب و يدعي أن تلك التحفة له,لذلك أخذ يجري إلى البيت,تصاحبه الأحلام الحلوة و الصور الممتعة لأوقات سيقضيها مع كنزه.



دخل بيته مرتبكا و متلهفا حتى أنه نسي إلقاء التحية على والده,الجالس يقرأ الصحيفة و يدخن و الذي استغرب من تصرف ولده الشاذ,دخل الغرفة و أغلق الرتاج من الداخل,نزع حقيبة ظهره و أسرع إلى علبة حذاء قديم كانت تحت سريره و يجمع فيها ما يعجبه من صور ممثلات و لاعبي كرة و سيارات وأشياء أخرى,أخرج شريط كاسيت لمطرب شاب يقلده في ملابسه و تسريحة شعره كان خاله أهداه إياه في عيد ما.


وضع الشريط في المسجلة بفرح شديد و سعادة تميز الأطفال في هذا السن,لم يحدث و لم يخرج صوت المطرب الشاب,انزعج جدا لما حدث امتعض,نظر قليلا للمسجلة,تأجد من توصيلها بالكهرباء,فكر قليلا,أخرج الشريط في اشمئزاز,و ألقاه بعيدا و ضحكة انتصار فوق شفتيه.


خرج إلى غرفة المعيشة,كان والده قد اختفى لسبب ما,فتح الخزانة و أخرج مجموعة شرائط قديمة اعتاد والده أن يستمع إليها منذ سنوات,عاد إلى الغرفة,نسي أن يغلق الباب من شدة الحماس,أخذ يجرب كل شريط من المجموعة,وعندما لا يعمل كان يلقيه بعيدا,بعد قليل تحول القلق إحباطاً,بدأت الدموع تتساقط فوق خده عندما لم تعمل الشرائط,عندما نفذت الشرائط كان قد تعب,احتضن مسجلته و نام بملابس المدرسة و حذائه الذي لم يخلعه ليحلم بتغير حياته إلى الأفضل , و كيف عندما تعمل المسجلة سيباهي بها أصدقاءه الذين سيحسدونه.


استيقظ على نغمات أغنية قديمة انتهى زمانها قادمة من غرفة المعيشة,لاحظ اختفاء المسجلة و الشرائط و الحذاء الذي تم انتزاعه,تملكته فرحة و طرب بسماع الموسيقى و خرج مسرعا نحو غرفة المعيشة.


وجد والده جالسا يستمع إلى الأغنية من مسجلة أخرى كانت بالخزانه و في يده استقرت علبة الشريط,انتبه الوالد و قال له:


لقد تخلصت من المسجلة الخربة...إنها لا تعمل!

Sunday 22 August 2010

أكل عبد الرحيم نصيبه,و بعد أن حمد ربنا انتبه لصوت نرجس و هي تمسح أسنانها القوية البيضاء و تقول:

دي طعمها جاز يا ولاد

و مدت يدها إلى أم العروس التي تناولت التفاحة و قربتها من أنفها:

آه و النبي,ريحتها جاز بصحيح,يمكن من السكينة

و قال خال العروسة:

...أمال انتا يا سي عبده,أكلتها ازاي؟

عبد الرحيم ابتسم و قال:

أنا افتكرت ان التفاح طعمه كده

و ضحكوا جميعا
على الباب قالت له أفكار:


يعني لازم تعرفهم انك عمرك ما كلت تفاح؟

قال:

كنت بهزر

...في اليوم التالي دخل على نرجس و قال:

مش أنا طلقت أفكار؟

عصافير النيل
إبراهيم أصلان

Friday 13 August 2010

لوليتا - نابوكوف

لوليتا
يا نور حياتي و نار صدري
يا خطيئتي و روحي
أيتها النار المتوقدة في عروقي
يا من تهزج روحي باسمك
(لو-لي-تا)

Tuesday 3 August 2010

الأب الغائب - قصة

كان ذلك في زمن بعيد
زمن يفوق قدرة معظمنا على التذكر
كان هناك أب
كان يريد أن يجعل من أبنائه الأفضل
ربما العدد الفعلي لأبناءه ليس معروفا
قيل في ذلك الكثير و اختلف عليه القاصون
بعضهم قال واحد
بعضهم اثنين 
بعضهم نفى أن يكون له أبناء
بل البعض يجزم أن لا وجود للأب إلا في رؤوسنا
لنقل أنهم-أي أولاده-ثلاثة
أراد أبوهم لهم أن يكونوا الأفضل كما أسلفنا
قال لهم أن لكل منهم هبة من الخالق
و تلك الهبة هي ما يجعل من كل منهم -في نظره-أفضل إخوته
فهم و إن كانوا كثيرين إلا أنهم في نظره سواسية
و هو يريد من كل منهم أن يستغل قدراته لأقصى حد
و أن يعمل عملا يليق بما حباه الخالق من موهبة و قدرة
لذلك أمدهم بكل ما يريدون من مال
ليبلغوا أقصى الدرجات
أحدهم كان يجيد العزف و يحبه حقا
ساعده ليتعلم العزف الجيد و يبرع فيه و وعد إن هو أثبت ذلك أن يرسله إلى أفضل كونسرفاتور
الآخر كان شديد الحب للدراسة و العلم
ساعده و وعده إن أثبت تفوقه أن يلحقه بأفضل الجامعات
كان يحلم بأن يصير عداء وعده الأب إن أثبت ذلك أن يساعده
كان الأب يحب الأبناء جدا
و يريد لهم الأفضل
اختلى بكل منهم و أخبر كلا منهم على حدة 
أنه يثق به تمام الثقة
و يريد منه أن يرفع اسم العائلة
و يرتقي بها
و أخبره أنه الأمل
المخلص
الرمز
رافع شعلة التقدم
إلخ من الأشياء التي يقولها الآباء للأبناء بدون أن يقصدوها تماما
غاب الأب
لظروف في عمله
آملا أن يحفظ أبناءه الوصية
و حدث للأبناء شيء عجيب
فقد كان من المتوقع أن يبرع كل منهم في مجاله
فقد لقى من الأب كل معاملة حسنة
فهم أسرة أرستقراطية
قادرة على التكاليف المادية التي تتطلبها الدراسة و التعلم
للموسيقى و الرياضة و العلم
لكن كل ابن من الأبناء لم يعد يهتم بما أعطاه الله و رسخه الأب
بل اغتروا بهذه الهبات و اعتبر كل واحد أنه الأفضل
و أن الأب يفضله عن إخوته
فتحول الجب و أعني حبهم لمواهبهم الطبيعية
كرها و بغضا
و اعتقد كل منهم أنه الوحيد هو المخلص
هو الأمل 
هو الصحيح
و ما دونه
هم الباطل
و ذلك الكره
دمرهم تماما
فتخاصموا و اقتتلوا و مات بعضهم
و لم يصبحوا كما أراد لهم الأب و أراد لهم الله
وعلم الأب الغائب بذلك
و قرر أن لا يعود
لأن أبناءه أغبياء
و لم يفهموا أنه يحبهم جميعا
و لا يزال

Saturday 31 July 2010

فوق مستوى البشر - قصة


كانا اثنين
و لكنهما مختلفان
ليسا ككل اثنين
كان كل منهما و على حدة قد بلغ القمة
كانا يسكنان فوق سطحين متقابلين
و أعني سطح مبنى شديد العلو
من تلك المباني التي يطلقون عليها ناطحات السحاب
كان هو
و كانت هي
الأفضل
الأعلى
الأجمل
عندما يبلغ الإنسان تلك الارتفاعات الشاهقة تتولد لديه بعض العادات السيئة
و خاصة
عادة النظر إلى من هم أسفل منه بتعالي
فهؤلاء الأغبياء بالأسفل
يتزوجون و ينجبون و يعانون و يحبون
نحن بالأعلى لا نحتاج لكل ذلك
و لا يشغلنا تفاهات العالم و عبثية الوجود
و عبثية البحث عن معنى للحياة
نحن فوق العالم
هكذا مضت بهما الأيام ينظران لغباوة الحياة بالأسفل
في ذلك اليوم لاحظها
بدأ يكلمها
كانت المسافة بين المبنيين بعيدة جدا
و يستحيل أن يصل صوته
حتى لو استخدم مكبرا للصوت
كان لدى كل منهما لافتة
رفع هو لافتة و كتب فوقها
حروف أولى
رفعت هي لافتتها و كتبت رد مناسب لما قاله
استمرت الأيام تمضي و هما يتعارفان
و يتكلمان
حول كل شيء
الثقافة الموسيقى الفن الحياة الموت الأزهار العطور الخنافس الكراسي الكتب الشعر كل شيء عرفاه خلال رحلة وصولهما لذلك المكان المرتفع
أعجب بها جدا
و هي أيضا أعجبت به
فهما على نفس الدرجة من العلو
و العقلية الجبارة
كلاهما عبقري
كلاهما شديد الإحساس بنفسه و بالآخر
المشكلة أنهما لكي يلتقيا
يجب أن يقفز هو أو أن تقفز هي
من فوق المبنى الشاهق
تلك المخاطرة تحمل احتمال أن يسقط أحدهما
ناقشا طويلا تلك المشكلة
فهما يحبان بعضهما جدا
هل ينزل هو من مبناه؟
و هي من مبناها؟
قضيا الكثير من الوقت
في النهاية
قررا أن يبقى كل منهما في مكانه و يكملا الحياة على هذا النحو
ففي النهاية يظل كل منهما منتميا لمركزه المرموق و علوه و قمته
ربما يؤثر ذلك الارتباط الغير محسوب على المركز
لا يستطيع أي منهما أن يجازف
ظلا يعيشان على طريقة اللوافت

.................
في شرفة مبنى مقابل لكلا المبنيينو على ارتفاع أعلى منهما بكثير
كان ك يراقبهما طوال مدة طويلة بمنظاره المقرب
وضع ك منظاره المقرب
و أكمل ما بقى في كوب الشاي الصباحي
و تناول مفاتيح سيارته
كان يراقبهما منذ فترة
و يتساءل عن هذا الغباء البشري و كيف أنهما غبيان يضيعان حياتهما
ذهب لعمله كالعادة
كان عمله مهم
فهو يحلم و يحلم
أن يبلغ القمة
يوما ما

Monday 26 July 2010

من رباعيات الخيام

هل في مجالي الكون شئ بديع
أحلى من الكاس و زهر الربيع

عجبت للخمار هل يشتري
بماله أحسن مما يبيع

 

و أيضا:

أولى بهذا القلب أن يخفقا
و في ضرام الحب أن يحرقا

ما أضيع اليوم الذي مر بي
من غير أن أهوى و أن أعشقا

Sunday 25 July 2010

Friday 23 July 2010

Raging bull - Film


robert de niro in my best scorsesse film
this film tells my life story
all my complexes
favourite
he deserves more than the oscar he got for the performance...
...de niro had to put on weight for the openin and final sceneshe put on 20 kgs........
fuck 20 kgs during the film duratio

Thursday 22 July 2010

Tropic of cancer - Henry Miller


This book really is good
recommend awe
the story is huge
american writer-Henry himself-in Paris
his adventures with frynds and prostitutes,his wanting to write a book,very poor with low income
love it truly

Ben X - Film


A wonderful story about a boy havin Autism addicted to on-line gaming who thinks that real world is an online game
that what u get from european film makers with no interest in money like holywood
brilliant actin an stor

Invisible monsters - Chuck palanhiuk


finished today
u only get the same bla bla minimalism shoking lango
very good twist at the end-haveto admit-but it ain't no comparable to the one an only fight club
i am an addict to the film-as every human being-so,this is trash
however it looks identical to fc in sort of way... See More
u have self shootin maniac,transexual guy,twist
average not more

Wednesday 21 July 2010

جميلة بوحيرد


Djamila Bouhaired
الجزائر أمنا
هكذا رددت في طابور الصباح بدلا من فرنسا أمنا
هي الثالثة من اليسار و كل من في الصورة استشهد ما عدا جميلة

Very good song and band:
Soap kills
Enta fen

Tuesday 20 July 2010

حانة الأقدار


كتب القصيدة الشاعر طاهر أبوفاشا
و هي ضمن فيلم رابعة العدوية
هو كتب كل قصائد الفيلم
القصيدة غنتها أم كلثوم
ولد الشاعر في دمياط
و هي مدينتي طبعا
غنتها أم كلثوم
لحنهامحمد الموجي

الأغنية على يوتيوب
1-بصوت أم كلثوم:
http://www.youtube.com/watch?v=YfosGZ4Na_k&feature=related

2-بصوت الموجي:
http://www.youtube.com/watch?v=qJxneNW6Kas&feature=related

القصيدة: وهي لوحدها تحفة شعرية

حانة الاقدار
عربدت فيها 0 لياليها
ودارالنور
والهوى صاحى
***
هذه الازهــــار
كيف نسقيهــا 0 وساقيهــــا
بهــــــا محمــووور
كيف يــا صاح
***
سألت عن الحب أهل الهوى
سقاة الدموع ندامى الجوى
فقالو حنانك من شجوه
ومن جده بك او لهوه
ومن كدر الليل أو صفوه
سلى الطير أن شئت عن شدوه
ففى شدوه همسات الهوى
وبرح الحنين وشرح الجوى
***
ورحت الى الطير أشكو الهوى
وأسأله سر ذاك الجوى
فقال : حنانك من جمره
ومن صحو ساقيه او سكره
ومن نهيه فيك او امره
سلى الليل أن شئت عن سره
ففى الليل يبعث أهل الهوى
وفى الليل يكمن سر الجوى
***
ولما طوانى الدجى والجوى
لقيت الهوى وعرفت الهوى
ففى حانة الليل خماره
وتلك النجيمات سماره
وتحت خيام الدجى ناره
وهمس النسائم أسراره
وفى كل شيئ يلوح الهوى
ولكن لمن ذاق طعم الهوى

A novel:By canadian writter Rohintom mistry

Sunday 18 July 2010

خريطة مزيفة و فارس ضرير - نَص


أسالكم جميعا
أسألك يا ساعة حول معصمها
و يا قلادة تزين عنقها
أسألك يا جريدة تقرأها هي
و هي تشرب قهوة صباحية
أسألك يا مكعبات السكر الثلاثة
يا من تذوبون كقلبي في هواها
أسألك يا سيجارتها المشتعلة
يا قداحتها الذهبية,و يا منفضة سجائرها
أسألك يا أغنية تطربها و رواية أعجبتها و يا قصيدة دوختها
أن تكونوا كلكم
خريطتي
الملونة
في وجه عتمة رمادية
.............................
إني هنا
أتأهب للخروج من منزلي
بعد حبس استمر عشرين عاما
أرتدي خوذة فولاذية
علّ رأسي لا يطير خطأَ
وسط حرب صليبية
أركب دراجتي الهوائية
لأقودها مغمض العينين
في مسارات دائرية
و أحلق في الأغاني القديمة و القصائد المنسية
باحثا عنها

Saturday 17 July 2010

Friday 16 July 2010

لوحة على الحائط - نَص


ولد عاشقا للرسم والألوان,لكنه في أغلب الأوقات كان وحيدا

يوما ما

اشترى علبة ألوان و تخيل صورة لمن يريدها معه

في تلك اللحظة كان لا يزال طفلا عاجزا عن فهم الدنيا

و هكذا و بلا أي تفكير منطقي

رسمها

كان يعرفها منذ البداية,هكذا فكر

كانت في خياله منذ أن كان في الرحم

في البداية كانت لعبة,وبما أنه كان طفلا لعب

جلس معها,تكلم,انفعل,شاطرها ألعابه القليلة و طعامه

مشكلته أنه كان يحسن الرسم..إلى حد مزعج

ربما لو كان رسمها كرمز لامرأة أو كانت لوحته تجريدية لما حدث شيء

انطوى في غرفته الضيقة
و ابتعد عن زملاءه و أفراد عائلته

انشغل بها و استحوذت على حياته و سنوات عمره

كانت صورتها الحلوة تشغل الجدار كله

كان يعود كل يوم من المدرسة ليجلس معها,يتأملها ساعات

يحكي لها ما صادفه و ما تعلمه

يخبرها و يحدثها عن أحلامه و آماله العريضة

يقرأ لها

يسمعها صوته و هو يقرأ أشعار الشابي و ييتس و بودلير

بصوت جميل قوي و لغة سليمة يراعي فيها قواعد اللغة

قرأ لها روايات هو الذي اختارها و كان يقرأ بصوت عال كي تسمعه


حتى إنه كان يقرأ الفواصل و النقاط


أسمعها أغان في الراديو كانت تعجبه


حقا كان يحبها


ذات يوم و في مدرسته


رآها


كانت صورة طبق الأصل من فتاته


و كان ذلك مرعبا بالنسبة إليه

فلقاءه معها هكذا في الحقيقة سيكون غريبا تساءل إن كان جديرا بهذا الشرف

لكنه أيقن بعد تفكير طويل أنها لا بد تعشقه


إنها من بديهيات القدر


لا يمكن أن تكون حياته إلا معها


إنها لم تخلق لسواه


بدأ يراقبها من بعيد و هي بدورها أحست به

لكن ليس كما تصور هو

أحست به كشخص مريب يفضل أن تبتعد عنه

و في لحظة عبثية اعترف لها بكل شيء


سبته و رفضته

هو بدوره تألم


حزن


بعد أيام بدت له صورة أخرى في رأسه


أحضر علبتي طلاء


بدأ يطمس صورتها


و لأول مرة منذ طفولته


وضع مكان الصورة


مرآة كبيرة


و لم يرسم بعد ذلك أبدا


إلا نفسه!!!!

Monday 12 July 2010

تلك العتمة الباهرة - نص




أطفأ مصابيح المنزل
اختار مقعدا يعرف مكانه
أشعل سيجارة لتنير الظلام الذي اكتنف روحه
تنفس دخانها في سأم و ملل
لم يعد هناك ما يفعله
إما أنه فعل كل شيء أو أنه لم يفعل شيئا
ترك جسده هناك على المقعد
و ترك رئتيه تعبان الدخان
و رحل
حلق بروحه في أماكن أخرى
عله يجد هناك الخلاص
لكنه أيضا سأم
من التحليق
من روحه الخفيفة التي لا تستقر فوق الأرض
و لا تحيا الواقع
وقف من جلسته التي استمرت خمس سنوات
أضاء مصابيح المنزل
ارتدى ملابسه على عجل و قرر أنه سينزل للشارع
كما كان يفعل
و كما يفعل هؤلاء
الذين يقرأ عنهم و يسمع عنهم
يخرج ليغير و يتغير
و يفعل شيئا فيما تبقى له من أيام على الأرض
لقد تعب من الجلوس و سماع أخبار الآخرين من الراديو
أو قراءة أخبارهم في الصحف
ارتدى ملابس يقلد بها هؤلاء الذين صاروا له أصناما
التقط علبة السجائر و المفاتيح
فتح باب المنزل و خرج
كان الوقت متأخرا و لا أحد يخرج في تلك الساعة
و لو خرج لن يجد شيئا يفعله!!!
لذلك عاد
بدل ملابسه
أطفأ المصابيح
و أشعل سيجارة
و أخذ يلعن القدر و الأيام و نفسه الغبية

الصورة من مسرحية في انتظار جودو
العنوان هو عنوان رواية للطاهر بن جلون

Sunday 4 July 2010

رجل يهوى الطبخ - نص


عدل من ياقة قميصه الوردي
تحت سترته الكحلية المفضلة
أخذ كل ملابسة الأخرى
أخذ كتبا أعجبته
دواوين شعرية
قصائد نثرية مفردة كتبت بخط منمق من جرائد قديمة
تناول جهاز الستريو الخاص به
مجموعة من اسطواناته المفضلة
أقلام
ممحاة
آلة كاتبة
ساعة يده الذهبية
علبتين سجائر
ولاعة سجائر
عطرا فرنسيا
وردة بلدية
مرآة لطالما رأى بها نفسه وسيما
صورة امرأة أحبها في شبابه
صورة امرأة أحبته في كهولته
صورة ابن لم يره منذ سنة
صورة إباحية
أوراق اللعب
قصتين قصيرتين كتبهما و هو طفل
شهادة الماجيستير التي حصل عليها يوما ما
وضع كل ذلك في كومة كبيرة
قلب جيدا
أضاف كل شيء
أحبه في حياته
ود لو يضع قليلا من الفلفل الحار
أو الملح ليعطي كل ذلك طعما مميزا
لكن الأمانة التاريخية و ضميره الغبي منعاه
وضع الكثير من البنزين
أشعل عود كبريت
و جلس يرقب نتيجة ما فعله طوال عمره
علّ ذلك كله كانت له فائدة واحدة

Friday 16 April 2010

فتاة صغيرة أخرى - قصة


في التاسعة صباحا
فتح مالك باب متجر رشدي
وضع الصحف التي أحضرها فوق مكتب والده الأبنوسي
تأمل وجهه في المرآة و عدل من ياقة قميصه
تطلع إلى صورة والده المعلقة فوق المكتب و أحس بعينيه تكادان تدمعان
فاليوم قد مر أسبوعان على رحيل والده و عليه الآن أن يحمل تبعة المتجر
كان متجرا للملابس الجاهزة بشارع تجاري مشهور
في التاسعة مساء
وقفت السيدة سعاد و وحيدتها أمام المتجر تتطلع إلى الملابس و الموديلات المختلفة
قصتنا لا تدور حول رشدي أو متجره أو سعاد
قصتنا هي بداخل عقل الفتاة الصغيرة
تأملت تلك الفتاة الرقيقة المعروضات بعينيها اللوزيتين
ودت لو تكبر كي ترتدي كل تلك الأزياء
لعنت في سخط هذا العالم الذي لا مكان فيه لمن هم دون التاسعة
و بالعالم

لم تكن تقصد سوى ما تراه عيناها
دمعت عيناها لأنها لن ترتدي تلك الملابس و التي-في رأيها-كانت أروع ما في الكون
بعد تلك الليلة
بنحو ثلاثة عشر سنة
وقفت فتاة في أوج سني مراهقتها أمام متجر رشدي تأملت المعروض من الملابس
هذه المرة
كانت فتاتنا كبيرة و ناضجة و ملائمة بما يكفي لما هو معروض من ملابس
تأملت الملابس و أعجبتها الموديلات
لكن قطرات من الدموع ترقرقت فوق خديها
هذه المرة كان الوزن هو مشكلتها
فوزنها لم يكن يسمح لها بارتداء الملابس المعروضة في هذا المتجر
تابعت طريقها و تركت أفكارها السلبية تغرقها في بحور من الكآبة
بعد تلك الليلة
بنحو عشرين سنة
وقفت سيدة أمام متجر رشدي
كانت تتذكر ذلك المتجر
و أنها بكت أمامه مرتين
ابتسمت
لم يكن مما هو معروض شيء يناسبها
و إن كان قد أعجبها
ليس لصغر عمرها أو كبر مقاسها-فهي الآن رشيقة بالنسبة لمن هم في عمرها-لكن السبب الرئيسي
أن الأيام قد علمتها شيءا بسيطا
ليست الدنيا هي متجر رشدي
هنالك متاجر أخرى
و عوالم أخرى لتراها
و في تلك الليلة
كانت سعيدة

Monday 12 April 2010

قطة فارسية - قصة


كانت فتاة صغيرة في نحو السابعة
تعكس ضفائرها الغجرية و بشرتها الفاتحة جمالا كالنور...فبدت و هي واقفة مكانها كأميرة في قصة خرافية
كانت ملابسها قليلة و مهترءة ......شأن كل هؤلاء
الذين لا مأوى لهم....
وقفت بصمت في ذلك المساء الربيعي الحزين
تتأمل قطة معروضة في متجر للحيوانات الأليفة
كان شعورها نحو تلك القطة شعورا مركبا تمتزج فيه مشاعر الإعجاب بلونها الرمادي و عيونها الملونة مع شعور آخر لطالما اجتهدت في إخفاءه و كبته
شعورها بالسجن و أن ترى العالم من وراء القضبان لا لشيء سوى أنك انت
و لست غيرك
امتدت يدها المتسخة من بين القضبان,تلمس القطة و تختبر نعومتها
صدرت منها تنهيدة خافتة
و التفتت نحو مدخل المتجر
كان متجرا يمتلكه رجل ستيني اسمه رشدي
انطبعت حروف اسمه فوق واجهة المتجر معلنة أن:رشدي
دخلت الفتاة المتجر
هشة يشعر من يرقبها أنها قطعة من الخزف الصيني الذي سيتكسر لمئات القطع
بلا سبب مقنع
كان رشدي جالسا في آخر المتجر الذي كان يتكون من طرقة طولية بآخرها مكتبه
عندما رآى الطفلة تتقدم في آخر المتجر انزعج رشدي
لم يدر رشدي لم فعل ما فعله
و لم يتصور-عندما فكر مليا بعد ذلك بفترة- أن الذي حدث بعدها كان من شيمه
التي اجتهدت والدته و الحياة في غرسها بداخله منذ أن كان طفلا
فقد كانت الفتاة ترقب الحيوانات و تلاعبها في استمتاع و مرح
قام رشدي بإمساك الفتاة من تحت إبطيها و توجه-و هي بين يديه-نحو مدخل المتجر
و ألقى الفتاة في الشارع...........
ثم أتبع ذلك بسبة نابية كان من المستحيل لفتاة في عمرها
أن تدرك معناه.......تماما
ما فعله رشدي فاجأه هو شخصيا لسبب
أنه فعل ما فعله
لا لشيء او إثم ارتكبته
سوى أنها
هي....