Thursday, 10 March 2011
صور تذكارية - حدث بالفعل
1
كان والدي و أنا نبحث عن جهاز استقبال للأقمار الصناعية في سوق كبير للأجهزة الكهربية بجدة, و كنت حينها صغيراً....و لا زلت.
هذا اليوم تحديداً تعلمت شيئاً شديد التميز, دخلنا و لم نجد عند البائع الهندي طلبنا في النهاية, لكن البائع تلكأ في إجابتنا بالنفي إذ كان يرقب التلفاز بعيون حمراء هو و مجموعة من الرجال الهنود كذلك, كانوا يتألمون مما يحدث في بلادهم بين الهند و الباكستان.
قال والدي مبدياً تشجيعه للجالسين و هو يتأمل الأحداث أمامه فوق شاشة التلفاز أنه يتمنى النصر للباكستانيين لأنهم رجال بحق, نظر الرجال لوالدي في ذهول و أجابه البائع في هدوء أنهم كلهم هنود و ليسوا باكستانيين,اعتذر والدي و شعر بحرج شديد, و تفهم البائع إذ إنه من المستحيل تقريباً أن تفرق بينهم بالشكل, لكنني فهمت شيئا أكبر من البائع و أجهزة الاستقبال و الهند و الباكستان.
2
كانت جمعية طلابية علمية,
عندما كتبت طلب التقدم, كتبت أنني متوسط من حيث الالتزام بالقوانين,لم أقل أنني سيء أو مستهتر لكن لنقل أنني متميز أكثر في نواحٍ أخرى, في المقابلة كان آدائي مميز-أو هكذا أعتقد-طلب مني أن أقدم خمسة استخدامات لزجاجة مياه بلاستيكية كنوع من اختبار للعصق الذهني, قدمت ثمانية في أقل من دقيقة و نصف و كنت أواصل الابتكار حتى طلب مني أن أرحل من أمامهم (كان السؤال الأخير في المقابلة), نعم هناك سؤال أجبته إجابه متطرفة نوعاً لكن أنا-أو هكذا أعتقد-لست مثالاً للإنسان الانتهازي أو الفهلوي أو الوديع,سألني لو أن أجنبياً في برنامج التبادل الطلابي أخذ يثير الشائعات بين آخرين بعد أن جاء لمصر و خالط مصريين أن المصريين قوم متعصبين و متطرفين دينياً-و هم لم يروا ذلك و لا هو- ماذا ستقول له؟,دار في خاطري أن أقدم الإجابة النموذجية:نحن بلد الأمن و الأمان إلخ...و لكن:
أجبته:هقوله لما إنتا شايفنا كدا من الأول جيت ليه؟
أعلم أنها إجابة خارج النص
لكن أنا لي تعامل مع طلاب من جنسيات خارج مصر, و أفهم تحديداً كيف يفكرون عنا
لكن لنقل إن هذا خطأ وحيد,
سألني:ماذا لو عملت في فريق و هناك رأي لم يعجبك كيف ستتصرف؟
أجبته:أقنع الآخرين برأيي,أو يقنعونني
سألني:لو لم يقتنعوا كلهم
أجبته و أنا أفكر في رائعة لوميت أحد عشرة رجل غاضب:أقنعهم كلهم أو يقنعونني
في النهاية
تفاجأت حين لم يقبلونني في الجمعية
لكني لم أتفاجأ أبداً
خلال أحداث 25 يناير و تبعاتها أن أعضاء الجمعية-معظمهم و ليس جميعهم-لم يؤيدوا الثورة
إطلاقاً
و كذلك الأجانب من أصدقائي!!!!!
3
ليلة رأس السنة
عندما دقت ساعة منتصف الليل كنت أطالع كتاباً في الجراحة في مقهى بلاستيكي من مقاهي شارع جامعة الدول واحد آخر من تلك المقاهي التي أعجز عن فهم أسماء المشروبات في قوائم طلباتها, كنت مع صديق لي و قد قررنا أن نكون مجددين, هو اختار أن يخرج مع صديق لا صديقة و أنا اخترت أن أخرج مع إنسان من لحم و دم بدلاً من نفسي, و كلا الموقفين كسر للعادات الشخصية.
أعلن هاتفي النقال عن استلام رسالة نصية جديدة, فتحت الرسالة حينها فرحت:
فرحة جعلتني أشكر الله أن لي صديق بهذه الروعة
كانت تلك أروع رسالة تلقيتها, رأيت أن أخلد الموقف و أتحفظ على محتواها حفاظاً على خصوصية المرسلة
4
يوم الخامس و العشرون من يناير
يوم الثورة
كنت أركب ميكروباساً عادياً جداً
كان هناك رجل أشيب يكلم طفلاً في نحو الثامنة
ابنه في الغالب,
و هما يجلسان بجانب السائق
و قد وقف في ميدان باب الحرس بدمياط نحو عشرون شاباً فقط يهتفون بسقوط النظام
قال لابنه:
-دول شوية شباب فاضي و هايف.....اوع تعمل زيهم
قال له السائق الشاب بحده:
-بص يا باشا:لو العربية دي بتاعتي كنت نزلتك إنتا و ابنك و وقفت مع الرجالة!!!!
5
في الصف الأول الثانوي
كانت الحصة التي تلت الفسحة مباشرة
و كنت أشعر بالكسل الشديد
بمعنى أنني غير قادر على التفكير السليم, لا سيما أن هناك امتحان بعد غد في اللغة الإنجليزية و كانت الحصة درساً للغة العربية التي كنت أعبدها و لا زلت,
لم يستطع زميل أن يجيب عن سؤال سأله ذلك المعلم الذي لم يستلطفني يوماً-و إن كان مضطراً أن يحترمني-و وقف الزميل مطرقاً للأرض وجهه,
سألني السؤال-كان صعباً و ربما أراد مفاجأتي لإحراجي-أجبته متساهلاً و أنا جالس بينما العرف أن يقف الطالب و هو يجيب,
قال لي:
-بقيت خلاص تجاوب و إنتا قاعد...كبرت
في نفس اللحظة-أقسم أنه حدث في نفس اللحظة....طُرق باب الفصل و فُتح عن صديق و زميل من الفصل المجاور الذي لا يفصل عنه سوى جدار, ليطلب اسمي تحديداً:
ذهبت و أنا لا أدري تحديداً المطلوب
وجدت الفصل على بكرة أبيه واقفاً (حوالي خمسون طالباً) و صديقي وقف بدوره في مكانه
كان أستاذ الجغرافيا الذي أحترمه و بشده و هو صعيدي رائع لن ينساه من عرفه أبداً:
-قل لهم يا أحمد الإجابة
صعقت
قلت بهدوء:
-لا أعرف....أول مرة لا أذاكر الجغرافيا بعد الحصة......هناك امتحان لغة إنجليزية
ضحك كل من في الفصل إلا الأستاذ
ارتعشت
و حدقت في اللاشئ
و لا زلت كلما أتذكر اللحظة أرتعش
نظر إليّ و وجهه قد احمرّ
قال:
-طيب روح إنتا يا أحمد دلوقتي
نفس هذا الرجل هو الذي علمني حب التاريخ و الجغرافيا لذلك لا تستغرب مجلة ناشيونال جيوجرافيك معي أحياناً...
اسمه أستاذ بكري
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment