Saturday 31 July 2010

فوق مستوى البشر - قصة


كانا اثنين
و لكنهما مختلفان
ليسا ككل اثنين
كان كل منهما و على حدة قد بلغ القمة
كانا يسكنان فوق سطحين متقابلين
و أعني سطح مبنى شديد العلو
من تلك المباني التي يطلقون عليها ناطحات السحاب
كان هو
و كانت هي
الأفضل
الأعلى
الأجمل
عندما يبلغ الإنسان تلك الارتفاعات الشاهقة تتولد لديه بعض العادات السيئة
و خاصة
عادة النظر إلى من هم أسفل منه بتعالي
فهؤلاء الأغبياء بالأسفل
يتزوجون و ينجبون و يعانون و يحبون
نحن بالأعلى لا نحتاج لكل ذلك
و لا يشغلنا تفاهات العالم و عبثية الوجود
و عبثية البحث عن معنى للحياة
نحن فوق العالم
هكذا مضت بهما الأيام ينظران لغباوة الحياة بالأسفل
في ذلك اليوم لاحظها
بدأ يكلمها
كانت المسافة بين المبنيين بعيدة جدا
و يستحيل أن يصل صوته
حتى لو استخدم مكبرا للصوت
كان لدى كل منهما لافتة
رفع هو لافتة و كتب فوقها
حروف أولى
رفعت هي لافتتها و كتبت رد مناسب لما قاله
استمرت الأيام تمضي و هما يتعارفان
و يتكلمان
حول كل شيء
الثقافة الموسيقى الفن الحياة الموت الأزهار العطور الخنافس الكراسي الكتب الشعر كل شيء عرفاه خلال رحلة وصولهما لذلك المكان المرتفع
أعجب بها جدا
و هي أيضا أعجبت به
فهما على نفس الدرجة من العلو
و العقلية الجبارة
كلاهما عبقري
كلاهما شديد الإحساس بنفسه و بالآخر
المشكلة أنهما لكي يلتقيا
يجب أن يقفز هو أو أن تقفز هي
من فوق المبنى الشاهق
تلك المخاطرة تحمل احتمال أن يسقط أحدهما
ناقشا طويلا تلك المشكلة
فهما يحبان بعضهما جدا
هل ينزل هو من مبناه؟
و هي من مبناها؟
قضيا الكثير من الوقت
في النهاية
قررا أن يبقى كل منهما في مكانه و يكملا الحياة على هذا النحو
ففي النهاية يظل كل منهما منتميا لمركزه المرموق و علوه و قمته
ربما يؤثر ذلك الارتباط الغير محسوب على المركز
لا يستطيع أي منهما أن يجازف
ظلا يعيشان على طريقة اللوافت

.................
في شرفة مبنى مقابل لكلا المبنيينو على ارتفاع أعلى منهما بكثير
كان ك يراقبهما طوال مدة طويلة بمنظاره المقرب
وضع ك منظاره المقرب
و أكمل ما بقى في كوب الشاي الصباحي
و تناول مفاتيح سيارته
كان يراقبهما منذ فترة
و يتساءل عن هذا الغباء البشري و كيف أنهما غبيان يضيعان حياتهما
ذهب لعمله كالعادة
كان عمله مهم
فهو يحلم و يحلم
أن يبلغ القمة
يوما ما

No comments: