كان ذلك في زمن بعيد
زمن يفوق قدرة معظمنا على التذكر
كان هناك أب
كان يريد أن يجعل من أبنائه الأفضل
ربما العدد الفعلي لأبناءه ليس معروفا
قيل في ذلك الكثير و اختلف عليه القاصون
بعضهم قال واحد
بعضهم اثنين
بعضهم نفى أن يكون له أبناء
بل البعض يجزم أن لا وجود للأب إلا في رؤوسنا
لنقل أنهم-أي أولاده-ثلاثة
أراد أبوهم لهم أن يكونوا الأفضل كما أسلفنا
قال لهم أن لكل منهم هبة من الخالق
و تلك الهبة هي ما يجعل من كل منهم -في نظره-أفضل إخوته
فهم و إن كانوا كثيرين إلا أنهم في نظره سواسية
و هو يريد من كل منهم أن يستغل قدراته لأقصى حد
و أن يعمل عملا يليق بما حباه الخالق من موهبة و قدرة
لذلك أمدهم بكل ما يريدون من مال
ليبلغوا أقصى الدرجات
أحدهم كان يجيد العزف و يحبه حقا
ساعده ليتعلم العزف الجيد و يبرع فيه و وعد إن هو أثبت ذلك أن يرسله إلى أفضل كونسرفاتور
الآخر كان شديد الحب للدراسة و العلم
ساعده و وعده إن أثبت تفوقه أن يلحقه بأفضل الجامعات
كان يحلم بأن يصير عداء وعده الأب إن أثبت ذلك أن يساعده
كان الأب يحب الأبناء جدا
و يريد لهم الأفضل
اختلى بكل منهم و أخبر كلا منهم على حدة
أنه يثق به تمام الثقة
و يريد منه أن يرفع اسم العائلة
و يرتقي بها
و أخبره أنه الأمل
المخلص
الرمز
رافع شعلة التقدم
إلخ من الأشياء التي يقولها الآباء للأبناء بدون أن يقصدوها تماما
غاب الأب
لظروف في عمله
آملا أن يحفظ أبناءه الوصية
و حدث للأبناء شيء عجيب
فقد كان من المتوقع أن يبرع كل منهم في مجاله
فقد لقى من الأب كل معاملة حسنة
فهم أسرة أرستقراطية
قادرة على التكاليف المادية التي تتطلبها الدراسة و التعلم
للموسيقى و الرياضة و العلم
لكن كل ابن من الأبناء لم يعد يهتم بما أعطاه الله و رسخه الأب
بل اغتروا بهذه الهبات و اعتبر كل واحد أنه الأفضل
و أن الأب يفضله عن إخوته
فتحول الجب و أعني حبهم لمواهبهم الطبيعية
كرها و بغضا
و اعتقد كل منهم أنه الوحيد هو المخلص
هو الأمل
هو الصحيح
و ما دونه
هم الباطل
و ذلك الكره
دمرهم تماما
فتخاصموا و اقتتلوا و مات بعضهم
و لم يصبحوا كما أراد لهم الأب و أراد لهم الله
وعلم الأب الغائب بذلك
و قرر أن لا يعود
لأن أبناءه أغبياء
و لم يفهموا أنه يحبهم جميعا
و لا يزال
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment